<--- ----!>
د. شـــذى احمد
أدب الرسائل

يقول المثل دوام الحال من المحال. لذا فكل شيء الى التقدم ماضي كما قال الشاعر الزهاوي. على سبيل المثال وسيلة التخاطب والتواصل بين البشر المتمثلة في كتابة الرسائل. هذا الفن الجميل الأقرب الى تصوير النفس بدقة لتظل الصور فيما بعد شاهدا حيا مادامت الرسائل قابلة للتبادل أم محفوظة. جاء البريد الالكتروني ـ الايميل ـ ليغير كثيرا من هذه القاعدة بل ينسف الكثير من أسسها، فصارت الرسائل المتبادلة بين الأشخاص لاتتسم بالتكلف، فلا يعيرها الكاتب عظيم الاهتمام. لا تخضع إلا الرسمية منها لضوابط . قد تكون كلمة أو رابط لمقال كما يفعل معظم الكتاب عند توزيع مقالاتهم أو المواضيع المهمة على أصدقائهم في القائمة البريدية . ربما تكون أحيانا رسمه سمايلى أو أكثر للطرافة تتخصص مواقع بجعلها تبدو أكثر أناقة وتشويقا وتكتسب من ذلك. خسرت الرسائل الشخصية لغتها الأدبية الرفيعة التي تعكس ثقافة كاتبها ومقدار اهتمامه بمن يكتب، لكنها بالجانب الأخر ربحت خصائص جديدة منها سرعة انتشارها. طريقة عرضها. سهولة وصولها وبقيت رغم كل هذا وذاك إن احتوت على نص فإنها تشترك به مع الرسالة المكتوبة سابقا في كونها مرآة تعكس خلق وأدب وثقافة المرسل. بعضها خدم أغراضا وقتية تنتفي الحاجة إليها بمجرد إرسالها ثم استلامها، وأخرى تتعاظم أهميتها وترتفع قيمتها وتصبح جزءا من التراث الإنساني تثير اهتمام الباحثين على مر العصور وتؤرخ لمرحلة مانحة لدراسة أم بحث أفقاً ابعد، تدعمه أو تفنده. أحيانا يصل ثمن بعضها إلى الملايين في المزادات، وقد يصلح بعضها ليكون مادة تربوية غنية لا تقدر بثمن كرسائل الفلاسفة والشعراء والكتاب والملوك والأدباء في العصر الحديث مثل: أرنست هيمنجواى ، ت . س . أليوت، كافكا ، سارتر ، مكسيم جوركى ، ألبير كامو، ديستويفسكى ،. من أشهرها في العالم العربي رسائل مي زياده وجبران خليل جبران. رسائل غسان كنفاني وغادة السمان. إضافة لتلك التي تبادلها كلا من الشاعرين الفلسطينيين الشهيرين محمود درويش وسميح القاسم في نصفي برتقالة، والتي تقاسم بالتأكيد محبي الأدب والشعر متعة قراءة بعضها المنشور في كتاب الرسائل. ظلت الرسائل بين كل هذا وذاك مرآة صادقة عن حقيقة كاتبها، وصورة لمشاعره في لحظة تسطيرها ، وانعكاس حقيقي لما هو عليه من صفات ومواصفات. عل الجيل الجديد لا يشكو فقط من فقر مدقع في إبداعات حقيقة في الفنون بمختلف أنواعها إلا استثناءات لكنه يشكو أيضا من فقر في الرموز الفكرية والأدبية . فالذين افتتنوا بروائع الرسائل المتبادلة بين العاشقين العذريين مي زيادة وجبران خليل جبران وسبحوا في ملكوت الكلمات العذبة والإحساس الملهم . وسكبت قلوبهم دموع اللوعة على المحبوبة الصغيرة كما كان جبران يسميها وهي تتطلع لساعي البريد عله يحمل لها رسالة قادمة من خلف البحار تطفئ نار شوقها وتمنحها الأمل. أو ينتفض لها عاشق بكلمة أشعلت نار الوجد في قلبه كما فعلت رسالة مي لما وصلت لجبران. تلك الرسائل بل التحف الأدبية التي دونت تفاصيل قصة حب بين نجمي من نجوم الأدب العربي والتي امتدت لعشرين سنة . علها أهات ولوعات علمان من أعلام الشعر العربي المعاصر وهما يتقاسمان بسخرية مريرة قصائد الحب والغزل والعشق لبلدهم المحتل ويدرجان ما أمكنهما إدراجه من تفاصيل تؤرخ مأساتهما وتحفر اسميهما في الذاكرة الإنسانية. وتعلم دروسا في التناغم الفكري كما قرأ متابعو رسائل سميح القاسم ومحمود درويش.تذكرت كل ذلك وغيره وانأ اقرأ لما يزيد عن عشر مرات الرسائل الالكترونية التي تم تبادلها بين الكاتبين الليبراليين الصديقين وهما الكويتي المعروف احمد الصراف و المصري د. طارق حجي على اثر الزوبعة التي أثارتها رغبة الأول في تذكير أصدقائه وأعضاء قائمته البريدية بكلمة للدكتورة وفاء سلطان على احد القنوات وتوزيعه للرابط الالكتروني للموقع الذي انزلها . يصيب المرء وهو يطلع عليها حالة من الإحباط النفسي . بعد قراءة كم الوعيد والتهديد والشتم والقذف الذي وجهه الدكتور طارق حجي لكل من أراد مخاطبته أو الحديث معه بسببها. راجع رابط ـ النصوص الاصلية للرسائل ـ التالي للاطلاع على تفاصيل الرسائل وعناوينها
النصوص الاصلية للرسائل

يجد المرء نفسه بعد القراءة أمام حالتين لا ثالث لهما . إما أن يطلع ويقول : يا خفي الألطاف نجنا مما نخاف. أو يفعل ما فعلت وافعل الآن .. تعش معه الرسائل والسطور أياما بل أسابيع . تقسم مثل تاجر المفرد الكثير الذي في رأسه، وتدفعه إلى تسطير الأسئلة التي أفرزتها هذه القراءة بل ربما بعضا منها. لأنها بالتأكيد اكبر عدد من أن تحصى ومنها. ـ كيف نستطيع عندما نكون قراءا من معرفة أعلامنا الفكرية ، ومنحهم ثقتنا.احترامنا،أصواتنا، ونستنير بآرائهم القيمة.ـ كامرأة وافتخر على وزن إماراتي وافتخر!. كيف تتناول هذه الكتابات المرأة وأي الصورتين أصلية في التقييم صورة الأطنان من الكتابات التي تدعي الدفاع عن المرأة وحقوقها تحرضها على التمرد ضد واقعها المرير. أم تلك التي تكتب عنها في لحظات الصراع الفكري و ثورات الغضب التي تنتاب بعضهم ، فيطفح الإناء بما أخفاه من حقيقة نظرته للمرأة وتقيميه لدورها في حياته كما مثلته سطور المفكر الليبرالي د. طارق حجي وهو ينعت د.وفاء سلطان بكلمات لم يتضمنها قاموس أكثر أعدائها من المتشددين والمتعصبين الدينيين. ـ هل شهرة الإنسان .مكانته .جوائزه سببا في انعزاله وانكفاءه. وبمنحه الحق بازدراء كل من يخاطبه. ماذا تعني عامة الناس وخاصتهم في أدبيات المشاهير الذين تحققت شهرتهم على أكتاف العامة كما يسمون. ـ هل تنحسر ادوار العامة أم من اسماهم د. طارق حجي غير المعروفين فقط بإيصال أمثاله من المشاهير إلى مواقع متقدمة في المجتمع. لتعد بعد ذلك محاولة احدهم للحديث مع الطليعة خطيئة لا تغتفر يسدد مقترفها ثمنها على الأرض بالشتم والقذف والسباب كما حل بالنماذج الاجتماعية من عامة المجتمع الذين بعثوا له رسائل بريدية. ـ هل على العامة ( الفكرة مثيرة حقا على المرء تأملها) إعادة النظر في تفاصيل تقيمها المستقبلية للنخبة محددة أسسا وضوابط لمن تسمح لهم بالتقدم وتمثيلها وإلقاء المحاضرات في أسواقها وبيوتها وقاعاتها المفتوحة منها والمغلقة . وعدم ترك الحبل على الغارب تعطي بلا مقابل . عليها ـ أي الجماهير ـ العامة.الناس .صانعو النجوم ، الكادحون ، ألكسبه ، الخدم. البسطاء. الأميون والمتعلمون منهم أن يعوا بأنهم ليسوا أرقاما مسجلة في سجلات المشاهير، وليسوا وقودا لمواقدهم الحالمة يتدفئون بها في لياليهم السارة. بل هم منتج بيده كل تفاصيل عملية الإنتاج ولولا ثروته من الدعم والقبول والتضحية والتعاطف ما فاز احدهم في ترشيح أو اقتني كتابا من كتبه أو تصفح له موقعا مهما تفاخر في تصميمه كموقع د. طارق حجي الأنيق والمريح التصفح.... ـ هل أعلامنا الفكرية التي تدعي الليبرالية أم العلمانية .. الخ من التسميات ما هي إلا صورا جديدة لأنبياء متعبين بكسر العين بربطة عنق وابتسامات عذبة وكلمات رقيقة أمام عدسات التصوير.ـ مؤازرة المرأة . تبني قضاياها. احترامها . تقدير إنسانيتها. الدفاع عن حقوقها. مساواتها هل هي أوهام تدور في مخيلة بعض الحالمات الكاتبات منهن أم هي حقيقة؟. إن كانت كذلك فلما لم يملك ليبراليا كبيرا مثل د. طارق حجي جمع من الانجازات الميدانية والبحثية والعلمية ما جمعه ونال من المناصب الرفيعة ما ناله مفردات مناسبة لمخاطبة أكاديمي مثله، ورغم امتلاكه لما وصفه بأكبر مكتبة شخصية بالعالم تحوي ما يزيد عن 32.000كتابة اثنان وثلاثون ألف كتاب. لم يجد بكل هذا وذاك جملة واحدة يرد بها على مواطنه الأكاديمي د. حباب السبكي إلا بجملة ظلت بلاد العرب أوطاني تجرها عبر العصور تختصر بها تخلفنا وسيطرة البداوة على التمدن في طباعنا . وتعنون لعبودية المرأة وانتقاص المجتمع لأدميتها ومكانتها يصل إليها السوقة والرعاع، وهم يتناحرون في أتفه الأشياء على قارعة الطريق وتتلخص ب ... ك .... س...... أمك . لما لم يجد الدكتور الذي نال جائزة Grinzane Cavour الإيطالية العالمية في الأدب عام 2008 خط بها كما أفادنا في سيرته الذاتية أربعة من المبدعين قبله طريقهم إلى نوبل وسيأتي لا محالة دوره. لما لم يجد د. طارق حجي غيرها ليرد بها على مواطنه المصري. هل لأننا ما زلنا نعيش في خيمة البداوة التي أعابها على احمد الصراف وغيره ممن وصفهم بالخليجيين وانأ لا اعرف إلى الآن لماذا تعني خليجي مسبة هل هي أكلة مشئومة في مصر مثلا . أم هي نوع من الحساسية التي لا براء منها. تراها وصفة توقف حال البنات وتمنعهن من الزواج فترى إحداهن كل يوم شبح الكهولة ماثلا أمامها!. كل هذا وذاك لم اعرفه ولم أتوصل بدوري إلى فهم حقيقي لاعتبار كلمة خليجي شتيمة أتساءل على اعتبار إن العراق مطلا وله نافذة على الخليج فهو أيضا خليجي بقدر أو بأخر. تماما مثلما سأذهب عن هذه الدنيا وأنا لا اعرف لما يعتبر الأبضايات في سوريا والعراق وغيرها من بلاد العرب أوطاني كلمة المرأة شتيمة يطلقونها على متخاذل خسيس أو رجل لا يجاريهم في لغة الصفع والضرب وهمجية السلوك.لا زلنا نتحدث ونستقي الدروس والعبر من هذه الرسائل الثمينة والنادرة بعصرنا، فأرجو لقائكم في المقالات التالية
عودة للمقال ان فرعون طغى
د. شـــذى احمد