ظلت الاسابيع الاخيرة محمومة بملاحقة اخبار هجوم الحادي عشر من سبتمر. الصحف المجلات الاعلانات التلفاز الراديو السينما محطات القطار .. كل مكان يعلن عن الذكرى. جلست تجيل نظرها. اخبار لم تنشر . حقائق لم تكشف. اسرار تبث لأول مرة. وهي تستمع وتقرأ بصمت.
ساعات وساعات، والاخبار تتوالى ، والعناوين تتكرر. ومن مر من هناك دلى بدلوه من كان نائما وحلم حلما دلى بدلوه. احست بفضاعة الموت والمأساة لأبرياء قضوا في ذلك اليوم . لكنهم يحيلون كل شيء الى خصوصية ما بعدها خصوصية. وبينما اسلمت طائعة باقي يومها لمتابعة تلك التغطية الاستثنائية لفت نظرها ذلك الاستعراض الملل لعشيقات رجل الاطفاء الاستثنائي ، والبطل الهمام . وكيف عرجوا على صاحباته اللواتي تفنن في وصف مأثره وبطولاته.
فتذكرت رجلها الذي قتلوه . تذكرت بطولته في تحدي الموت سنوات المعاناة الطويلة ، بطولته وهو يكتفي بتلقي أوامر العصابات التي كانت تمعن باهانته ، وايمانه بعلمه ودوره . ورفضه بهدوء تزوير تاريخ بلده. ارادت شرح ذلك امام الاخرين . لكن الوقت لم يتسع تحدث الجميع بلا هوادة عن ضحايا الحادي عشر من سبتمر . كانهم ضحايا العالم وحدهم . وكان العالم من بعدهم يباب. فاخذت قصتها وجلست تحت افياء احد الاشجار وراحت تنشدها مثل لحن لم يتقنه منشده بعد. وكان يصححه بين الحين والاخر احد المشردين الذين يجلسون بالقرب منها.